ما رأته هذه السيدة المُسنة من معاناة يُلين قلب الكافر كما يقولون، فما بالك إذا عرفت أن الطعنة جاءتها من أقرب الناس إليها، من ابنتها التي لم تأبه لقول الله تعالى “وبالوالدين إحسانا”، وأصبحت وصمة عار ومصدر حسرة وفجيعة للأم العاجزة.
“الست لطيفة”، 73 سنة، تعيش في منطقة المرج بالقاهرة، وحتى كتابة هذه السطور تقيم في منزل، لكن هذا الوضع سيتغير قريبا وربما تجد نفسها في الشارع، بعد أن جردتها الابنة من كل ما تملك، وقامت بتصرفات مشينة، تتناقض مع كونها ابنة أولا، ثم مع كونها محامية من المفترض أن تدافع عن حقوق الناس، فسلبت حق أهم من في حياتها.
القصة يرويها لكم “أوان مصر” على لسان “الست لطيفة”، التي لم تفارقها الدموع وهي تتحدث، بحسرة وعجز وتعجب مما رأته من ابنتها.
الأم تبصم ولا تعلم
بدأت معاناة السيدة “لطيفة”، المصابة بـ “السرطان”، وكسر في “العمود الفقري”، عندما وثقت في ابنتها كباقي الأمهات، ولكن الابنة استغلت جهل الأم المسكينة.
كان لدى السيدة “لطيفة” أملاكا كثيرة، ومنذ ثلاث سنوات، قررت الابنة بيع فدان وربع ملك لأمها في “سفينكس” مقابل 650 ألف جنيه، اكتفت بأن أعطت للأم 25 ألف جنيه فقط منها، وأخذت باقي المبلغ، وقالت لها “سأرد الاموال بعد فترة من الوقت”، وعندما طلبت الأم أموالها من ابنتها لكي تشتري علاجها، رفضت الابنة أن تعطيها أموالها، ومن هنا بدأت الصراعات.
لكن لم تكتفِ الابنة بهذا وراحت تطمع في أكثر من ذلك. تحكي السيدة “لطيفة” لـ “أوان مصر”، بدموع منهمرة وقلب منكسر، ونظرات تتجه للأرض خجلاً: “كان هناك شقق، تُبنى للشباب في كمبوند اسمه “جنة بدر”، فذهبت لأشتري الشقة، وكتبتها باسم ابنتي “ع”، وتم فرشها وتشطيبها، وبعد فترة من الوقت ذهبت هي وكسرت كوالين الباب، وباعت الشقة بـ400 ألف جنيه”، مشيرة إلى أنها علمت بالأمر بعد بضع أيام من الناسز
كانت السيدة المسنة تريد أن تؤجر الشقة وتعيش منها وتصرف على علاجها، وقبل بيع الشقة بثلاث سنوات أعطت الأم لابنتها 350 ألف جنيه، لكي تضعها وديعة لها في البنك، فذهبت بالأموال وأعطتها لطليقها.
كل يوم تأخير على الأم بـ 1000 جنيه
توقفت الأم عن الكلام وعيناها تذرفان الدموع، وبعد ما هدأت بدأت تستعيد أنفاسها واستكملت حديثها قائلة، إنها لم تعمل توكيلاً رسمياً للابنة، وأكدت أن ما “بصمت”، عليه كانت تظنه توكيل قضايا لثقتها في ابنتها.
ومن ضمن الأملاك التي فقدتها الأم، أن الابنة باعت الشقة التي تنام فيها أمها بـ”المرج الجديدة”، وجاء لها الإنذار على يد محضر منذ بضع أيام بإخلاء الشقة، وأصبح الوضع الحالي أن كل يوم تأخير تدفع مقابله 1000 جنيه، مؤكدة أنها لا تملك أي أموال بعد أن جردتها ابنتها من كل شيء، وأصبحت “على باب المولى” كما تقول.
واصلت الابنةأفعالها المشينة، بل وبدأت الصراعات مع كل من يقف بجانب أمها العجوز، فلم تسلم أختها “هـ” منها، ورفعت عليها قضايا سرقة هي وزوجها بالباطل، وكانت تهمتهما الحقيقية أنهما يقفان بجانب الأم. وإلى الآن لم تُبد الابنة العاقة أسفها، ولا ندمها، بل تستمر في الصراعات واللا مبالاة، فقلبها أصبح كالحجر تجاه أمها.
وتروي الأم بكل حسرة وألم ودموع لا تجف، وقلب ينبض بالندم وصرخات مكتومة، أن الإنذار الذي أتاها يأمرها بتسليم الشقة التي تسكن فيها، وشقة أخرى في نفس العمارة كانت تؤجرها “مول”، و”دكانة”، و”بدروم”، لكي تصرف على علاجها، وكان هذا آخر ما تمتلكه، وتضيف بحرقة وتعجب: “دي بنتي! دي بنتي يا ناس!”.
جحود الأبناء
مصيبة الأم المكلومة لم تأت من ابنتها فقط، لأن زوجها أيضا”س”، يقف بجانب الابنة، وأخوها الأكبر منها بـ عامين “أ” يساندها وهو أيضاً يعمل بمهنة المحاماة، ولكن الأموال تعمي الأنظار وجعلت قلوبهم أشد قسوة من الحجارة، ووصل بهم العقوق إلى أن يجعلوا أمهم تموت ألف مرة في اليوم الواحد، فالسيدة المريضة التي تعاني من عدة أمراض أصبحت غير قادرة على التعايش في هذه الصراعات.
وتتواجد الأم حاليا في منزلها الذي أصبح في حكم المباع حاليا، جالسة خلف باب المنزل ويحوطها كل من الدواء والطعام والشراب، لأنها غير قادرة على المشي وحدها بسب كسر بالعمود الفقري، وكل يوم تنتظر عودة حفيدها من العمل في تمام الساعة التاسعة مساءً، لكي يحمها ويدخلها إلى غرفتها، أو لتقضي حاجتها، ولكن بدونه لا تستطيع الوقوف وحدها.
وأشارت الأم العجوز إلى أن كل من الابنة، والأخ الاكبر، ووالدهما، أخذوا جميع المستندات والعقود الخاصة بها، وبصوت منخفض ودموع تملأها الدموع وبأنفاس بطيئة تتساءل: “إيه ذنب باقي إخواتهم يتحرموا من حقهم؟”، كان جزاء الأُم التي كانت تسهر وتربي بأن يكون مصيرها الشارع بعد ما الابنة باعت كل شئ ولم يبقى للأم سوا ملابسها.
الأم للرئيس: عايزة حقي
وفي النهاية، ناشدت السيدة “لطيفة” من خلال “أوان مصر”، الرئيس عبد الفتاح السيسي، والنائب العام بأن يقفا بجانبها وأن يردا إليها حقها وأن ينظرا اليها بعين الرحمة، قائلة وهي تبكي: “مليش إلا ربنا وهما”.