كتبت هدى عامر
في قرار مفاجئ غير متوقع قامت السودان بالانسحاب من المفاوضات في الاجتماع السداسي بحضور وزيري الخارجية والري مصر, السودان وإثيوبيا مؤكدة عدم رغبتها في الاستمرار بالمفاوضات الخاصة بملف سد انهضة خاصة مع التعنت الإثيوبي والمراوغة السياسية التي تقوم بها بشأن هذا الملف متجاهلة أديس أبابا كافة القوانين والاتفاقيات الدولية.
انسحاب تيكتيكي
وصف الدكتور أيمن شبانة أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدراسات الأفريقية – جامعة القاهرة، ونائب مدير مركز حوض النيل بالمعهد, في تصريح خاص لـ”أوان مصر” أن هذا الانسحاب هو ” انسحاب تكتيكي” بالأساس لأنه عمليًا يرفع الضغط عن إثيوبيا في مسار المفاوضات الدبلوماسية الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا وأكد أن خروج السودان سيؤثر بشكل كبير في عركلة المفاوضات, ولابد من عودة السودان في أقرب فرصة ممكنة والتنسيق معها للعودة إلى طاولة المفاوضات.
السيناريو القادم
وجود السودان طرف لابد منه في خضم المفاوضات المستمرة قرابة ال 10 سنوات مؤكدا أن خروج السودان سيوقف المفاوضات لأنها طرف أساسي وشريك مهم, مستنكرًا فعل إثوبيا لما تدعيه من صراعات داخلية في إقليم تيغراي شمال البلاد, كما طالب إثيوبيا بعدم الاستمرارية في الإنشاءات والتشغيل لحين الوصول إلى مسودة متفق عليه من الدول الثلاث والخبراء والمختصيين وعودة الطرف السوداني وإلا عودة الملف لمجلس الأمن الدولي .
طريق مسدود
بينما يرى وزير الري السوداني الأسبق عثمان عتيق أن سبب موقف انسحاب السودان من الطاولة هو المسير على نفس الأسلوب القديم, بالإضافة إلى وصولها إلى طريق مسدود وتمييع جدية المفاوضات منذ بضع سنوات, وأن الاجتماعات ستكون ثنائية من بعد اليوم بين مصر وإثيوبيا مستندين إلى الخبراء الأفارقة لعدم الوصول إلى نقطة الصفر مرة أخرى, وطالب السودان بإعطاء المختصيين دورًا أكبر لإنجاح التفاوض مشكليين من كل دول إقريقيا وليس إثيوبيا أو مصر فقط لإعطاء وجهات مشتركة وخبرة طويلة في هذا المجال لتخقيق عملية التقارب بين ال3 دول.
لمصلحة إثيوبيا
أضاف محمد نصر علام في حواره مع الإعلامي أحمد موسى في برنامج ” على مسئوليتي ” المذاع على قناة ” صدى البلد”،:” لو استمر الاتحاد الافريقي في طريقة تعامله مع مفاوضات سد النهضة من الوارد أن تعود مصر مجددا إلى مجلس الأمن “.
وتابع محمد نصر علام:” إثيوبيا لا ترغب في التوقيع على أي اتفاقية في ما يتعلق بسد النهضة “، مضيفا:” قيام إثيوبيا بالملء الأول لسد النهضة أدى إلى انقطاع المياه عن العديد من المدن في السودان لمدة أسابيع وإيقاف محطات مياه الشرب “.
وأضاف محمد نصر علام، أن مصر تسعى للحفاظ على الأمن المائي المصري وقيام السد العالي بوظائفه لحماية الشعب المصري وذلك في ملف مفاوضات سد النهضة”، مضيفا:” كل الشروط التي وضعتها مصر تعتبر معامل أمان لمصر والسودان ايضا “.
وتابع محمد نصر علام:” مصر أبدت حسن النية تجاه بناء سد في إثيوبيا لمساعدتها على التنمية بشرط عدم المساس بامن وحياة المصريين”، ومع بداية المفاوضات بدأت إثيوبيا في المراوغة والتلاعب”.
واكمل محمد نصر علام:” إثيوبيا تتلاعب بالمجتمع الدولي وتحاول فعل نفس الأمر مع مصر والسودان، ومصر على علم بما تفعله اثيوبيا”.
أعلنت السودان عن عدم المشاركة في جلسة الاجتماع الوزاري حول سد النهضة الذي كان مقرر عقده اليوم السبت، داعيا لمنح دور أكبر لخبراء الاتحاد الأفريقي لتسهيل التفاوض وتقريب وجهات النظر بين الأطراف.
وبدورها ذكرت وزارة الري والموارد المائية السودانية في بيان لها ، أن الخرطوم قررت عدم المشاركة في جلسة التفاوض الوزارية “وفق المنهج السابق”، وتأكيدا لمواقفه السابقة التي دعا فيها لإشراك الخبراء الأفارقة كميسرين للمفاوضات بين الأطراف الثلاثة، ولأن الطريقة التي اتبعت في الجولات السابقة أثبتت أنها غير مجدية.
واوضح ياسر عباس وزير الري والموارد المائية في رسالة بعث بها للدكتور سليشي بيكلي سليشي، وزير الموارد المائية الإثيوبي على موقف السودان الداعي لمنح دور أكبر لخبراء الاتحاد الأفريقي لتسهيل التفاوض وتقريب وجهات النظر بين الأطراف الثلاثة.
وجاء إعلان الخرطوم تعليق المشاركة في مفاوضات سد النهضة التي بدأت الخميس الماضي، مستندا إلى أسباب عدة بمقدمتها عدم التزام إثيوبيا بالقانون الدولي المتعلق بالمياه وحقوق الدول في الأنهار المشتركة، حيث تلزم اتفاقية الأنهار أديس أبابا بضرورة الإخطار المسبق قبل أن تقوم بأي عمل بحق الأنهار المشتركة مع دول أخرى، كما أنها لم تلتزم باتفاقية العام 1902 التي وقعتها مع السودان، والتي تعهدت بموجبها بعدم التعدي على أي من البحيرات والأنهار المشتركة إلا بعد موافقة الأطراف الأخرى.
تاريخ مشترك
أثبتت الحكومتين المصرية والسودانية تعاونهما في مجالات عدة، من بينها ملف الدفاع المشترك ومراقبة الحدود ، حيث أجري الجيشين المصري والسوداني تدريبات خاضتها قوات خاصة وجوية في أول مناورة قتالية مشتركة منذ الإطاحة بنظام الرئيس السوداني عمر البشير.
وتسعى القاهرة والخرطوم لتعزيز العلاقات الإقتصادية بينهما عبر إنشاء مشروعات حيوية اقتصادية مشتركة فى كافة القطاعات والتى كان آخرها التشغيل الفعلى للربط الكهربائى بين مصر والسودان وانطلاق المرحلة الأولى للربط الكهربائى بين البلدين والتى تهدف إلى إمداد الجانب السودانى بما تحتاجه من كهرباء وصولا للتكامل الذى يعود نفعه على الدولتين، وسيُسهم ذلك بالتأكيد فى إعادة تشكيل مستقبل العلاقات بين البلدين.