بخير زمان ووسط بركة آل البيت وبإبتسامة على وجهه لحب الخير، يأتي من صعيد مصر مسناً سبعينى يتجول “بقربة مياه” على كتفه وفي يده كوباً معدنيًا ولسانه يذكر الصلاة على النبي ليسقي الماره مجاناً بشوارع الحسين والسيدة زينب، بشوشاً طالبين منه الدعاء لتقربه من الله وعمل الخير دون مقابل، رائحته من رائحة زمن الطيبة والإحسان لا يكل ولا يمل لعشرات السنوات فى سقى الناس.
“أخر سقى فى مصر” بزي أخضر وقربة مياه بكسوة حمراء “عم عبدالحميد” مسناً يبلغ من العمر 75 عاماً يأتي بالقطار يومياً من محافظتة أسيوط إلى القاهرة وهو يحمل قربة المياه ليسقي زوار الحسين والسيدة زينب، دون مقابل مادي، يظل يتجول وكل من يراه يقدم له كأس الماء ويدعى له ويفعل هذا وهو مبتسم وبقلب هين ولين، دون أن يعوقه تعب السفر ولا حمل المياه كل هذا لوجه الله، طيبته وكأنها سباق مع الخير.
“بالصلاة على النبي بسقى الناس.. احنا قوم لا نطلب ولا نرفض مش بنقول هات ولا نمد إيدينا” هكذا بدأ عم عبد الحميد أخر سقى فى مصر حديثه ليروى قصته ومهنة سقى الماء مجاناً قائلاَ: ورثت المهنه والعادة الطيبة فى سقى الماء مجاناً من أبويا وأجدادى، وبركب القطر كل يوم من أسيوط لأسقى زوار الحسين والسيدة زينب وأفضل اتجول بقربة المياة حتى تنفذ وأملئها مرة أخرى وأسقى الناس وأروى عطشهم وأفكرهم بذكر الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأكمل “عم عبدالحميد” حبيت سقى الناس من والدى وفى يوم وأنا صغير طلبت منه أشيل القربة رفض وقال “يابوى القربة ثقيلة وانت لسه صغير ولما بكيت قالى قوم يابوى وربنا يعينك عليها” ومن ذلك الوقت وأنا تسلمت مهنة سقى الماء من والدى وكنت أذهب أشتغل وأزرع الأرض ثم أذهب أشيل القربة واتجول أسقى الناس، ثم وصف مما صنعت القربة قائلاً: بصنع قربة المياه بإيدى بقوم بجلب جلد ماعز ثم أكسوه من الخارج بالقماش واظبطها على ضهرى وكتفى بفصلها على قدى، وسأظل أسقى الناس وأشيل القربة لأخر نفس ولم أكل من وزنها الثقيل فهى تبلغ من 15 إلى 30 كيلو جرام ولكن ربنا بيقوينى على حملها.