إحدى قصص القرأن الكريم التي تحكي عن معصية بني إسرائيل لتعاليم الله وأوامره.
وقد ذكر الله تعالى أن قوماً من بني إسرائيل، سكنوا إحدى المناطق الساحلية، ولم يبين القرآن الكريم اسم تلك المنطقة أو مكانها، لكن الله يريد منا أن نأخذ العبرة والعظة من قصتهم وما حدث معهم حيث أمرهم بألا يعملوا في يوم فرضه الله عليهم للعبادة وليس للعمل وكان هذا في يوم السبت قال تعالي ( وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ) كان هذا اليوم مصدر ابتلاء واختبار لبني أسرائيل علي مدي انصياعهم لأوامر الله وشريعتة لهم بألا ينشغلوا بأمور الدنيا، وإنما يتفرغوا لعبادة الله، فلا عمل في يوم السبت سوى التقرب إلى الله بأنواع العبادة المختلفة.
ولكثرة ذنوب ومعاصي تلك القرية أراد الله أن يعاقبهم ويختبر إيمانهم لعلهم يرجعون وكان البلاء مختلف عن أصناف الابتلاءات الأخرى، فقد حرمهم الله من مصدر رزقهم وعملهم من صيد البحر وخيره، بأن جعل السمك يأتي للساحل يوم السبت بوفرة حيث لا يعملون فيراه الناس ويتعجبون من كثرته وما إن ينتهي ذلك اليوم حتى تبتعد الأسماك عن الشاطئ بقية أيام الأسبوع، وتختفي ثم تأتي في يوم السبت الذي يليه وهكذا حتى انهارت عزائم أهل القرية وأرادوا أن يحتالوا على أمر الله تعالى لهم، بعدم الصيد في ذلك اليوم، فصنعوا الحواجز، وجهزوا الشباك قبل يوم السبت فإذا جاءت الحيتان والأسماك يوم السبت دخلت إليها، وبقيت فيها حتى يأتي يوم الأحد، فيستخرجونها، وهكذا كانوا يحتالون على أمر الله تعالى ويعصونه بالخداع بارتكاب المحرم بطريقة غير مباشرة.
بعد هذه الحادثة، انقسم أهل القرية وكان أكثرهم عصاه تصطاد بالحيلة وتحث عليها، وأخرين لا تعصي الله، وأنكرت ما فعله هؤلاء العصاه، فأخذت تنهرهم عن هذا الفعل، وتأمرهم بعدم التحايل علي شرع الله خوفا من عقاب الله وغضبه عليهم أما الفرقة الثالثة فكانت لا تعصي الله تعالى، ولكنها اتخذت موقفاً تجاه ما فعله العصاة، وسكتت عن المنكر وأهله، وكانت تتجادل مع الفرقة الناهية عنه وتقول لها ما فائدة نصحكم لهؤلاء العصاه ؟ إنهم لن يتوفقوا عن احتيالهم، وسيصيبهم من الله عذاب أليم بسبب أفعالهم.
لم يرجع العصاه عن غيهم وضلالهم بل استمروا فيه لاسيما مع ما يجدون من صيد وفير، ولا يعلمون أن الله تعالى يقيم الحجة عليهم بهذا الفعل، وأنه سبحانه يمهل الظالم حتى يتوب ويعطيه الفُرصَ الكثيرة إذا عصى، علّه يرجع إليه، فيغفر له، ويكفر عنه، فتجاهلوا ذلك كله، وأخذوا يتمادون في العصيان والآثام وبينما استكبر العصاة وأمعنوا في منكراتهم، ولم تجد كلمات المؤمنين نفعاً معهم، جاء أمر الله، وأذِن بتسليط العذاب عليهم، فحل بهم عذاب غريب على النفوس، أغرب من الابتلاء والعقاب الأول وهو الحرمان من الأسماك، إذ مسخهم الله، وغير أشكالهم من إنسٍ إلى حيوان فكانوا قردة خاسئين.
قال تعالى ( وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ).