أصبح التلوث البيئي هذه الأيام، قضية شعبية، وبعد زيادة النمو السكاني أكثر من المفترض، وزيادة المصانع والمخلفات، أصبحث تحدث كوارث شتى بسبب التلوث البيئي، وهذا ما أدى إلى انتشار الأمراض المعدية، ومع ظهور الاسلحة النووية ظهرت الكثير من القوانين التي تدعو لمكافحة التلوث.
الكثافة السكانية
قال المهندس حسام محرم المستشار الأسبق لوزير البيئة في تصريحات خاصة لـ “أوان مصر”، إن التلوث البيئي هو تغيير في المكونات الرئيسية للبيئة “الهواء والماء والتربة”، مضيفًا أن غاز الأكسجين هو أحد أهم مكونات الهواء الجوي، وأي تغيير في مكونات الهواء يعتبر تلوثًا في الهواء.
وأضاف أن مصادر تلوث الهواء متعددة، من بينها الانبعاثات الغازية الصادرة عن المنشآت الصناعية، ووسائل النقل بشكل عام، والانبعاثات الغازية المتخلفة عن حرق المخلفات الصلبة.
وأكد “أن الكثافة السكانية في بعض المدن، تؤدي إلى بؤرة لتلوث الهواء، وهذا بكثافة الأنشطة المولدة لتلوث الهواء”.
وتابع “أن المدن المزدحمة تكون فيها وسائل النقل أكثر من المناطق قليلة السكان، حيث تمثل بؤرة من بؤر تلوث الهواء، ولكن المدن المخططة تخطيطًا عمرانيًا جيدًا تراعى فيها هبوط فراغات كافية كما تراعى الضوابط العمرانية المنموط بها، وهذا يكون تخفيفاً من تلوث الهواء الجوي”.
وأردف “أن المياه تعد من أهم متطلبات الحياة الإنسانية، مشيرًا إلى أن المياه مصدر رئيسي لحياة الإنسان والحيوان والنبات، فضلاً عن وجود استخدامات أخرى لها في الصناعة وغيرها، حفاظاً على الصحة العامة للمواطنين.
وقال إن الحكومات في بعض الدول تقوم بإنشاء محطات لـ معالجة المياه لتوفير مياه شرب آمنة وصحية للمواطنين، حيث يعتبر هذا مؤشرًا على توفير مياه نقية للمواطنين.
مصادر تلوث المياه
واستطرد أن مصادر تلوث المياه متعددة ومن أهمها (الصرف الصناعي)، الذي ينتج عن المنشآت الصناعية، موضحًا “تكون مخلفات سائلة تخرج من العمليات الصناعية في تلك المنشآت محملة بأحمال تلوث من مواد كيماوية وتلوثات اُخرى، ويؤدي إلقائها على المسطحات المائية إلى تلوث للبيئة المائية”.
واستكمل “تفرض القوانين في جميع دول العالم على المنشآت الصناعية معايير معينة لا يتم تجاوزها، وهذه المعايير تضع حدًا أقصى لمؤشرات التلوث المختلفة في مياه الصرف الصناعي”.
وتابع: “هناك مصدر آخر لتلوث المسطحات المائية وهو (الصرف الصحي)، ناتج عن التجمعات العمرانية المختلفة، لذلك تضمن البنية الأساسية إنشاء شبكات لاستقبال مياه الصرف، ومن المفترض أن يتم نقل هذه المخلفات إلى محطات لمعالجة الصرف الصحي لوصول إلى معايير آمنة قبل إلقائه على مسطحات مائية أو إعادة استخدامه في “ري الأراضي”، بشرط الالتزام بـ معايير إعادة إستخدام هذه المياه المعالجة.
ونوه بأن هناك “خزانات مياه جوفية”، متواجدة في باطن بـ بعض الدول وهذه الخزانات الجوفية ينبغي الحفاظ عليها من أي مسببات أو أثار للتلوث، سواء كانت نتيجة تسربات لـ مواد كيميائية أو لأي مواد ضارة من سطح الأرض إلى باطن الأرض، أو نتيجة حقن كيماويات أو ملوثات معينة أو نتيجة أعمال التنقيب على البترول، والأنشطة المرتبطة بها.
الأنشطة البترولية
وشدد على أن هذه الأنشطة البترولية تسبب تلوث لـ “خزانات المياه الجوفية”، فإنها قد تسبب تلوث للتربة والبيئة الأرضية، وذلك يؤدي إلى تدهور في نوعية الأرض التي هي أحد أهم الموارد الطبيعية، حيث أن هذه الأراضي تستخدم للزارعة التي يمكن أن تساهم في الإكتفاء الذاتي في كافة دول العالم.
وأعرب إلى أن المخلفات الصلبة أحد أهم مسببات التلوث البيئي حيث تنتج هذه المخلفات من مصادر مختلفة من بينها المصادر الصناعية، والمخلفات البلدية التي تنتج عن السكان، وهذه المخلفات الصلبة بأنواعها ينبغي أن يتم إحكام السيطرة عليها من خلال منظومة محكمة لـ إدارة المخلفات الصلبة بداية من عمليات النقل والجمع والتخزين وإعادة تدوير المخلفات القابلة لذلك، إلى جانب معالجة بعض المخلفات قبل الدفن، وحرق بعض المخلفات لتوليد الطاقة من خلال منشأت متخصصة في حرق المخلفات واستثمار الطاقة المتواجدة في هذه المخلفات وتسمى “تكنولوجيا تحويل المخلفات إلى طاقة”.
الموازنة بين البعد الاقتصادي والحفاظ على الموارد الطبيعية
وصرح إلى أن الضوضاء أحد أهم مصادر التلوث البيئي في العالم، والضوضاء تصدر من أنشطة بشرية واقتصادية مختلفة من بينها المركبات والمنشآت الصناعية.
وقال “الضوضاء لها آثار صحية ونفسية متعددة، لذلك دول العالم تبذل مجهودات متنوعة للسيطرة على مصادر الضوضاء حفاظاً على الصحة العامة”.
ولفت إلى أن هناك جزئية استنزاف الموارد الطبيعية، موضحًا أنها تُعتبر أحد مظاهر المساس بالبيئة.
وقال “في الماضي كان الاهتمام بالبعد الاقتصادي فقط، وكان من الممكن أن يؤدي إلى استنزاف بعض الموارد الطبيعية مثل (الغابات، والثراوت الطبيعية)، ولذلك ظهر مفهوم في المرحلة الأخيرة يطلق عليه (التنمية المستدامة)، والمفهوم يطرح فكرة ضرورة الموازنة بين البُعد الاقتصادي الذي يدفع في اتجاه استغلال الموارد الطبيعية بدون سقف، وبين ضرورة الحفاظ على الموارد الطبيعية وعدم استنزافها، لذلك لابد من استغلال الموارد الطبيعية بـ معدلات تؤدي إلى استدامة الموارد الطبيعية، وأن الاستخدام الجائر في الموارد الطبيعية يعتبر أحد أهم مظاهر المساس بالبيئة”.
الوقود “الأحفوري”
وأوضح: “أصبحت قضية (التنمية المستدامة)، أحد أهم القضايا الاقتصادية والبيئية المطروحة على مائدة البحث والدراسة والتفاوض في كثير من المحافل السياسية والاقتصادية والبيئية في العالم”.
واختتم أن “الوقود “الأحفوري من أحد أنواع التلوث البيئي، وهو مستخدم في الصناعة وفي محطات الطاقة، وفي وسائل النقل بأنواعها، لذلك في العقود الأخيرة أصبح هناك اهتمام عالمي بـ تطوير الطاقات الجديد والمتجددة مثل (طاقة الرياح، والطاقة الشمسية)، باعتبارها طاقات نظيفة وغير ملوثة للبيئة وتنفق الكثير من الدول في مجال البحث العلمي من أجل تطوير وخفض تكلفة هذه الطاقات الجديدة وإنفاق الكثير من الاستثمارات على زيادة نسبة الطاقات الجديدة والمتجددة في مزيج الطاقة الخاصة بهذه الدول”.