تحقيق : سماح عثمان
جاء رجل إلى مصر بصحبة عائلته من البصرة ببغداد، وكان كبير تلك العائلة أبو الحسن علي بن محمد الذي تولى منصب ديوان المغرب في البلاط العباسي ببغداد فأطلق لقب المغربي على العائلة.
جاءوا في أيام الدولة الأخشيدية، وتولى ابنه أبو القاسم منصب الوساطة – الذي يعادل منصب وزير – في عصر الحاكم بأمر الله، وسرعان ما تنكر الحاكم لعائلة المغربي واتهمهم بالخيانة وتم القبض على رأس العائلة ”أبو الحسن علي بن الحسين بن علي ابن محمد المغربي” وباقي أخوته.
فقرر الحاكم بأمر الله قتل سبع بنات من أسرة مغربية والتخلص من والدهم سنة 1010م، وذلك لخروجهن عن المذهب الشيعي، وعندما شعر الحاكم بأمر الله بالذنب جراء ما فعله، قرر بناء هذه القباب تكريما للقتلي وتخليدًا لذكراهن، فالمقصود هنا منطقة مهملة فى طى النسيان، وهي تقع فى “عزبة خير الله” بمنطقة مصر القديمة، وتلك المنطقة ليست الوحيدة التي تحمل ذلك الإسم، فهناك قبة السبع بنات الواقعة بالقرب من “خانقاه الناصر فرج بن برقوم” شرق القاهرة ومسجد السبع بنات الكائن في شارع بورسعيد بالعتبة، وأيضًا ضريح السبع بنات في قرية البهنسا بمحافظة المنيا وجميعها يتخذها الناس خاصة النساء والفتيات مصدرا للتبرك وفك النحس، وقبلة للباحثين عن الإنجاب والعلاج من العقم.
اختلاف الروايات التاريخية حول القصة الحقيقية
يرجع تاريخ إنشاء قباب السبع بنات إلي العصر الفاطمي فقد ذكر بعض المؤرخين أن الذي أنشأها هو الحاكم بأمر الله العبيدي عام 400 هجرية، الذي قتل أحد وزرائه ويدعى «أبو سعيد الحسين بن علي المغربي» ثم قتل أفراد عائلته، واختلفت المصادر التاريخية حول ماهية القباب، وهل كانت لبنات الوزير السبع أم لسبعة من عائلته، بمن فيهم بناته، فقد ذكر المؤرخ المقريزي أن هذه القباب قد بنيت علي رفات سبعة من بني المغربي قتلهم الحاكم بعد فرار الوزير المغربي إلى مكة.
ولم يتبق من هذه القباب السبعة سوى أربعة قباب فقط وقاعدتين لقبتين، وقد تهدمت القباب العلوية ولم يتبقي غير الجدران فقط، رقبة القبة مثمنة الشكل بها فتحات شبابيك وتقع جميع القباب في صف واحد غير مستقيم، ولم يعثر علي القبة السابعة التي من المحتمل أن يكون تم بناؤها في وقت لاحق ثم اندثرت، وقد بنيت هذه القباب على طراز معماري متشابه إلي حد كبير.
خرافات وموروثات شعبية
هناك العديد من الخرافات والمعتقدات الخاطئة لدي كثير من أهل المنطقة والمناطق المجاورة، فهم يعتقدون أن لهذه القباب قوة سحرية قادرة علي تحقيق المعجزات وتلبية الأمنيات، خصوصا لدي النساء اللاتي لم يتزوجن ويردن الزواج، والمصابات بالعقم ويرغبن في الإنجاب وحتى التى تريد الانفصال عن زوجها، وذلك بالاضافة إلى التبرك ودرء المصائب وفك النحس.
كانوا متنكرين في زي الرجال وقتلهم بعد اكتشاف أمرهم
فقصت أم عصام 62 عاما قصة مقابر السبع بنات وقالت أن والد هؤلاء البنات هو حسن الجيوشى ويذكر أنهم كانوا يحاربون الكفار متنكرات فى زى رجالى وعندما انتصرن قاموا بإطلاق الزغاريد تعبيرا عن الفرحة ولكن عندما اكتشف الكفار أمرهم بأنهم بنات وليسوا رجال قاموا بقتلهم على الفور وذكرت أم عصام أننى أعيش فى هذه المنطقة منذ 42 عاما وعلمت القصة من أجدادى .
وأكدت أم عصام أن السيدات يقومن بالتبارك بهن من جميع المحافظات من أجل تنفيذ أمنياتهم من الرغبة فى الانجاب أو الزواج أو حتى الطلاق وهذه العادات مستمره حتى الان فيأتى الناس بأعداد كبيرة كل جمعة ويحضرن الحنة والشمع لمدة ثلاث جمع متتالية وفى الجمعة الثالثة يقوموا بإحضار الحنة والشمع .
سيدة مسنة: منطقة طاهرة ومهملة
فيما قالت الحاجه سعدية 60 عاما أنها علمت أن سيدة جاءت من منطقة الهرم بصحبتها ابنتها لكى تتبارك بمقابر السبع بنات ووضع الشمع والحناء عليها من أجل تزويج ابنتها الثانية بعد نجاح زواج ابنتها الاولى بعد زيارة هذه المقابر .
وأضافت سعدية أن كل من له حاجه يأتى لزيارة السبع بنات نظرا لطهارتهم وطهارة أرواحهم
بالاضافة إلى عدم الاهتمام بالمنطقة ولا بنظافتها فهى تحتاج لمجهود كبير من قبل وزارة البيئة ووزارة الاثار فهى تصنف كمنطقة أثرية تتبع للملك حسن الجيوشى الذى قام ببناء تلك المقابر الخاصة ببناته .
المنطقة أصبحت مقلب قمامة ومصدر للأوبئة والأمراض
فيما أكد محمود محمد سعيد 45 سنة (حداد) أن قصة هذه القباب تعود إلى معركة قديمة كان يشترك بها هذه البنات وتم قتلهم فقام والدهم ليثأر لهم وقام بدفنهم فى هذا المكان.
وشرح سعيد سبب وجود ست قباب بالرغم من أنهم سبع بنات بأن هناك قبة كبيرة مدفون تحتها بنتين وهناك اثنان تم هدمهما وناشد سعيد وزارة الاثار بالاهتمام بتلك القباب التى تعود لأزمنة بعيدة ،حيث جاء الكثير من مفتشى الاثار ليزوروا المنطقة ولم يفعلوا شئ لها بالاضافة إلى وزير البيئة الذى أهمل المنطقة لدرجة انتشار الاوبئة والقمامة فى محيط البيوت والمنازل الذى أدى إلى انتشار الامراض الصدرية بين أهالى المنطقة.
وأوضح سعيد أن هذه المشاكل نعانى منها منذ أكثر من عشرين عاما والوضع كما هو عليه فالكثير من المسئولين قاموا بزيارة المنطقة ولم يفعلوا شيئا، بالاضافة إلى مشكلة الانارة فعندما يحل الظلام يحل معه كل أشكال البلطجة وانتشار عمليات “التثبيت” وتداول المخدرات بين الشباب فنحن نقوم بتوصيل البنات التى تعمل فى مناطق نائية خوفا عليهن من الخطف أو تعرضهن للايذاء .
وأكد سعيد أن السور المحيط بالقباب ليس حديث البناء بل موجود من أيام عصر الملك الجيوشى والد البنات وهو يعود للعصر الفاطمى .
نترحم على أيام نهضة السبع بنات
فيما أشار محمد جمعه 27 عام “سائق توكتوك ” أن القمامة والتثبيت والدخان والظلام والسرقة هم أربعة اضلاع لهذه المنطقة فنحن نعيش مهددين فالرجال يتم تثبيتهم فى وضح النهار والليل فمعظم البلطجية يأتوا من منطقة بطن البقرة التى تجاورنا فلا يوجد نقطة شرطة ولا عسكرى واحد بالمنطقة،كما تعانى المنطقة من عدم وجود مستشفيات فأقرب مستشفى هى أحمد ماهر فى السيدة زينب ولايوجد مدارس فلايوجد سوى مدرسة واحدة ابتدائية .
فيما قالت الحاجة فضيلة 80 عام أن هناك قبتين تم هدمها وكان لها باب كبير يغلق على القباب السبع كما كان يأتى إليها الناس من كل المحافظات ومعهم الارز والعدس والحنة ويقوموا بوهبها للسبع قباب لتحل بهم البركة يومى الخميس والجمعة ويقوموا بالصلاة بداخلها بالاضافة إلى أن السور كان مرتفع ولكن عوامل الزمن بالاضافة إلى الاهمال أدى لانخفاض مستوى السور فنحن الان نترحم على أيام نهضة السبع بنات … فليتها تعود يوما .