كتبت-رنا تامر عادل
عُقد مؤتمر السلام في الشرق الأوسط في العاصمة الاسبانية مدريد، في 30 أكتوبر 1991، تحت رعاية الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. وكان هدفه إحياء عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وشملت المفاوضات دول عربية أخرى من بينهم الأردن ولبنان وسوريا، بالإضافة إلى وفود من مصر ودول الخليج العربي والمغرب العربي والاتحاد الأوروبي.
جاءت فكرة عقد المؤتمر، بعد خطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش، أمام الكونجرس الأمريكي، في 6 مارس 1991، حيث قال “آن الآوان لانهاء النزاع في الشرق الأوسط على أساس قراري مجلس الأمن الدولي 242 (قرارصدر بعد النكسة 1967 لانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة في النزاع الأخير) و338 (قرارصدر بعد حرب أكتوبر1973 لوقف إطلاق النار)، ومبدأ الانسحاب مقابل السلام، الذي ينبغي أن يوفر الأمن والاعتراف بإسرائيل واحترام الحقوق المشروعة للفلسطينيين”.
كانت فكرة إجراء مفاوضات بين الدول العربية و(إسرائيل) مرفوضة لفترة طويلة، من الجانب العربي، في الوقت الذي كانت فيه أحد المطالب الرئيسة لإسرائيل. واكبر مثال على ذلك اللاآت الثلاثة (لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف)، التي وافق عليها مؤتمر القمة العربي الرابع المنعقد في الخرطوم بعد نكسة 1967. ولكن حدثت تطورات دولية واقليمية دفعت العرب لبدء المفاوضات، من بينهم انهيار المعسكر الاشتراكي بزعامة الاتحاد السوفييتي، وحرب الخليج الثانية، والتدخل الأمريكي في الشرق الأوسط.
لم يكن الطريق لانعقاد مؤتمر مدريد سهلاً، بسبب رفض إسرائيل مشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في المؤتمر، إلا أن اصرار الولايات المتحدة على عقده، كان أحد الأسباب الرئيسية في انعقاده. ومن جانبها أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية موافقتها على المشاركة في المؤتمر الدولي بشرط أن ينعقد على أساس قراري مجلس الأمن الدولي 242 و338 ، أي الأرض مقابل السلام، وأن يعترف المؤتمر بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وحقه في تقرير المصير، وحق اللاجئين في العودة. كما طالبت بانسحاب إسرائيل من القدس الشرقية، وإقاف إنشاء المستوطنات.
وعُقد المؤتمر الدولي في 30 أكتوبر بحضور الرئيس الأمريكي جورج بوش والسوفيتي ميخائيل غورباتشوف، ووفد أردني – فلسطيني مشترك برئاسة وزير الخارجية الأردني كامل أبو جابر والفلسطيني د. حيدر عبد الشافي، ووزراء خارجية كل من مصر وسوريا ولبنان، وإسرائيل برئاسة رئيس الوزراء اسحق شامير.
افتتح المؤتمر بكلمة من رئيس وزراء اسبانيا، فيليب جونزاليز، رحب فيها بالوفود المشاركة في المؤتمر، ثم كلمة الرئيس الأمريكي بوش، الذي دعا للوصول لحل عادل ودائم وشامل للصراع في الشرق الأوسط. كما ألقى السيد عمرو موسى، وزير الخارجية المصري آنذاك، خطاب أكد خلاله أن الضفة الغربية وغزة والجولان السوري أراضي عربية محتلة تخضع للتطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن 242، وأن المستوطنات التي تقام في الأراضي المحتلة 1967 هي مستوطنات غير مشروعة. وقال ” إن العرب لم يأتوا للتنازل عن حقوقهم، أنما أتوا ليبحثوا وبالنوايا الحسنة والثقة المتبادلة عن أرضية مشتركة وعن صياغات مقبولة”.
ولم تحرز المفاوضات التي استمرت عامين، أي تقدم، إلا أن الوفد الفلسطيني استطاع أن يستقل في مفاوضاته مع الاسرائيليين عن مظلة الوفد الأردني. وبينما كانت المفاوضات جارية في واشنطن جرت اتصالات سرية اسفرت عن توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993.
اقرأ ايضا:
كلمة مصر في مراسم التوقيع النهائي على اتفاق “جوبا للسلام”