بقلم: علاء السمان
القيادة الحكيمةتظهر وقت الشدائد، فتعطيل الدراسة في مصر قرار جريء يعكس قراءة متمعّنة لمجريات الأمور، لنبض الشارع، ومصالح المواطنين، فشكراً لك فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي.
حقاً، إن اتخاذ مثل هذه القرارات قبل تفاقم الأزمة يؤكد أن هناك من يراقب عن كثب، الآن أصبح أمامنا فرصة لتقييم الوضع وقراءة المشهد بشكل صحيح، ووضع الحلول الملائمة لقادم الأيام ضمن الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدولة لمواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد.
مع إعلان وزير التربية والتعليم والتعليم الفني قبل ساعات عن عدد الإصابات بالفيروس في المدارس والذي بلغ 7 حالات، يتأكد أن هناك طاريء جلل، يتطلب منا دقّ ناقوس الخطر، وهذا ما حدث بالفعل، ولكن بتوجيهات من الرئيس السيسي الذي يستحق الإشادة.
ويُحسب للحكومة برئاسة المهندس مصطفى مدبولي ما أصدرته من قرارات تتعلق بوقف مراكز الدروس الخصوصية، وأي مراكز للتجمعات، تحسباً لانتشار الفيروس اللعين.
ولكن هذا ليس كافياً، فهناك قنوات مختلفة يمكنها المساعدة في انتشار المرض تحتاج لسد لإغلاق قبل فوات الأوان ، منها المقاهي والكافيهات بمختلف أنواعها، ودور السينما.
إن تعطيل الدراسة، قرار ناجع في العموم، لكن قد يستغله الطلبة بمختلف الأعمار بالخروج من المنازل بحثاً عن متنفس ولن يجدوا سوى تلك الأماكن التي تمثل أرضاً خصبة للتجمعات الشبابية وبالتالي انتقال وانتشار الفيروس ، أغلقوها احترازياً حتى نتجاوز المحنة.
تمرّ مصرنا الحبيبة بفترة عصيبة، بين كورونا والعواصف التي صاحبتها السيول الجارفة، وعلينا أن نتعاون حتى تمرّ الموجة الفيروسية بسلام.
بلا أدنى شك، ستفشل الحكومة ما لم يكن هناك تعاون شعبي شامل، إذن فالأمر بحاجة إلى تفاعل إيجابي، حجر منزلي لبعض الوقت، فالاعتراف بالخطر الذي يداهمنا ليس عيباً أو جريمة بل هو بداية المعالجة الحقيقية.
عندما أوقفت بعض الدول العربية والأوروبية الدراسة كدنا أن نحولها لنكتة، وكأن ذلك الإجراء جاء بلا دراسة، وعندنا أوقفت بعض الأقطار صلاة الجمعة أمس حتى إشعار آخر ثم صلوات الفروض الخمس بالمساجد، كدنا أن نتهمها بالكفر والعياذ بالله.
إنها الحقيقة يا سادة، نحن نواجه حرباً من نوع جديد تختلف عن حروب السلاح المادي مثل البنادق والمدافع والرشاشات وما على شاكلتها من أسلحة، إنها الحرب البيولوجية التي تقضي على البشر بأقل تكاليف، إذن فنحن أمام عدو أو أمر طارئ يتطلب تعاوناً جماعياً للانتصار عليه.
لقد اكتشف الباحثون أن فيروس كورونا، مثل فيروس (سارس)، ومتلازمة (MERS) من الممكن أن يظل نشطاً ومُعدياً على عبر العديد من القنوات المتوافرة في المقاهي والكافيهات، منها الأسطح المعدنية أو الزجاجية (الشيشة) أو البلاستيكية الملوثة بالعدوى لمدة من الممكن أن تصل إلى 9 أيام في المتوسط، ومن خلال درجة حرارة الغرفة التي تتراوح بين 15 و20 درجة مئوية.
سيدي الرئيس، قرارك بتعطيل الدراسة أنقذنا من كارثة كادت أن تكون محققة، فلولا ذلك لكان الفيروس انتشر بين أبنائنا ومنهم إلى البيوت كالنار في الهشيم.
نعلم أن هناك كُلفة معنوية ومادية كبيرة لتعطيل أماكن التجمعات، بما في ذلك المجمعات ودور العبادة، والمقاهي، لكنها الحقيقة سيدي الرئيس، نحتاج المزيد من القرارات الجريئة التي يصعب اتخاذها دون تعليمات صريحة من فخامتكم، وأنت لها.
إذا أوقفنا أماكن التجمعات والتزم الجميع منازلهم لبعض الوقت سنحدّ من انتشار الفيروس، وسنكون الأسرع في مجابهته.
وإذا كانت تلك القرارات بحاجة إلى قوة تحمل، فالمصريون الذين كتبوا التاريخ وعدّلوا المسار من خلال ثورة 30 يونيو قادرين على تحمل التبعات بشتى أنواعها.
ننتظر المزيد من القرارات الوطنية الاحترازية … إلى الملتقى.