مع سيطرة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي على المشهد الإعلامي عقب ظهور”كورونا” واجهت الصحافة العربية كغيرها من صحافة العالم حالة محزنة من التقهقر والتراجع والضعف بسبب ذلك الوباء الذي لم يكتف بحصد أرواح البشر بل عبث بالمقدرات والأرزاق والفكر والثقافة ،، فغير مسارات العالم إقتصاديا وصناعيا وفكريا ..
ان كورونا ضرب وبشدة اخر مسمار في نعش الصحافة الورقية ،، وفقا لاخر تطورات المشهد الاعلامي عالميا .. فنجد أن أول إجراء إحترازي تم تعميمه عربيا وعالمياً هو إلغاء المطبوعات حتي لا تكون وسيله تؤدي الي نقل العدوي بالفيروس بشكل مباشر ،، بل امتد الامر لمحاوله الابتعاد عن تبادل العملات الورقيه ايضا ،، توقفت المطابع وازدحمت “السيرفرات ” وكان البديل هو الاعلام الرقمي الأسرع والأسهل والأرخص ،، والذي ياتي اليك بكل الطرق عبر كل قنوات التواصل الاجتماعية دون عناء منك أو ضرورة لمغادرة منزلك فتجده بالهاتف في متناول يدك ،، وربما يصلك الخبر بعد ثوان من وقت حدوثه .
وبعد أن عانت الأجواء الإعلامية مؤخرا نوعا من الأداء المهني المتدني والذي يلعب دور الوقيعة،، واثارة الفضائح ورفع درجة التوتر بين الدول وبين ابناء الشعب الواحد بكافه طوائفه ،، رأيناه يبث الاخبار والمعلومات الزائفة مع المبالغة فيها سلبا وايجابا ،، فيأتي الإعلام الرقمي هنا ليقوم بدور ظاهره فوضوي ولكن نفعه اكثر ،، فيصلك الخبر بنفس اللحظة بأكثر من توجه واكثر من تأويل،، وعلي المتلقي أن يبحث ليقف على أعتاب الحقيقة ..
كل هذا الزخم والتضارب بالاخبار يحدث نوعا من اليقظة وتنشيط الوعي عند العامة ،، بالرغم من سلبياته الكثيرة ،، على عكس السابق قبل ثورة الانترنت والعالم الرقمي المفتوح ،، كانت الجريدة الورقية كالكتب المقدسة كل ما فيها مصدق لتفردها بالخبر دون منافس ودون طرق مؤكدة للتحقق من المصدر
والسؤال الان : هل هذا الوضع طبيعي؟؟
يعتبر طبيعيا جدا .. وهو ناتج عن تطور في وسائل الاعلام مما مكن كل الناس من ممارسة الاعلام الشعبي من خلال السوشيال ميديا ،، وسحب جزء كبير من البساط من تحت اقدام الاعلاميين المحترفين وابناء المهنه القدامي والذين لم يواكبوا التطور والتكنولوجيا الحديثة في مجال النشر الاليكتروني والسوشيال ميديا .
تقع مسؤولية استرداد جزء من البساط المسحوب واستعادة المكانة السابقة على عاتق الاعلاميين أنفسهم ،، وعليهم ان يخرجوا من قوقعة الماضي فالتطور كبير وهائل وان لم يواكبوا هذا الزخم ستضيع هيبة الإعلام !
والشرط الاول والاساسي لاستعادة مكانة الاعلام المحترف يتطلب التخلي شبه التام عن القديم اسلوب ،وشكل ،ومحتوى، واداء ، والتزود بسلاح التكنولوجيا وكيفيه كتابة مقال أو خبر أو محتوي يتناسب مع محركات البحث في جوجل حتى يسهل الحصول عليه عالميا .
وندرك جميعا انه يجب على كل من يعمل في مهنة الاعلام ان يطور من ذاته ويطور من ادواته فعالم الانترنت أسرع من القلم الذي بيدك والصورة سبقت الكلمة الان وليس هناك وقت للكتابة والتدقيق والطباعة والنشر ،، كل هذا يمكنك ان تختصرة صورة وخبر من 8 كلمات علي تويتر أو إنستجرام ،، فمن الممكن أن يجوب الخبر العالم من قلب الحدث قبل أن يصل الصحفي إلي المكان او اصل الموضوع او التاكد من المصدر .
كن أنت الصحفي .
ولقد لاحظنا أخيرا ذكاء بعض الصحف والمواقع الالكترونية الإخبارية ،، اذ يطلب من الجمهور التواصل بالخبر والانفراد تحت دعوة
(كن انت الصحفي) وهذا نوع جديد من السعي لتحقيق السبق الصحفي باستخدام عناصر من العامة والجمهور المتابع نظرا لتواجدهم قريبا من الحدث وإستقطابا لهم لانه بكل الاحوال سوف ينشر باي من مواقع التواصل المتاحة لديه .
وفي ظل كل هذا التطور تجد ان الاعلام المسموع والمرئي الان يشكل كارثة في عالمنا العربي فاذا ما امسكت بريموت التلفاز لتشاهد قناة ما فجاة تجد نفسك امام انسان يهرتل ويرتجل ويصرخ بل ويبالغ بالصراخ والألفاظ غير اللائقهة ربما ليثبت وجوده ،، وينتصر علي الضعف المهني وعدم الثقة بداخله ولولا المام معد البرنامج بسبل البحث والإعداد الصحيح لسقط هذا المقدم في هوة سحيقة ،،، ولذلك علي الاعلاميين والصحافيين جميعا الحرص على الاداء المهني الملتزم والراقي للحفاظ على الاعلام النظيف بجانب التسلح بالأدوات الحديثة ومواكبة التطور .
فالاعلام الجديد وخاصة في عصر كورونا جديد فعلا بكل تفاصيله فاما ان تتجددوا وتواكبوا تطوراته او ابحثوا عن مهنة اخرى !!!
والسؤال هنا : هل ما زال عند الزملاء الإعلاميين امل ان تعاود الصحف المطبوعة الصدور بعد زوال الوباء الجائح ؟