عقد اليوم وزراء الخارجية العرب اجتماعا بجامعة الدول العربية لاختيار الأمين العام الجديد ومناقشة عدد من القضايا الإقليمية والعربية الهامة، وألقى السفير سامح شكري وزير الخارجية كلمة تحدث بها عن عدد من القضايا التى تهم المنطقة ومصر على وجه الخصوص.
بدأ شكرى كلمته قائلا، يأتي اجتماع اليوم في وقت تتواصل فيه التحديات التي لا زال يواجهها العالم ومنطقتنا العربية بسبب استمرار تداعيات جائحة كورونا، وما تتركه من أثر عميق على كافة مناحي الحياة، وأود أن أستفيد من هذه الفرصة كي أتوجه بالشكر إلى الأطقم الطبية في كافة الدول العربية، والذين يتحملون عبء مواجهة هذا الوباء في الصفوف الأولى بكل تجرد وشجاعة.
بؤر التوتر مشتعلة بالمنطقة العربية بجانب المعاناة من وباء كورونا
وإلى جانب الوباء الذي بات يشكل معضلة عالمية، لا زالت معضلتنا الخاصة بهذه المنطقة تراوح مكانها، فبؤر التوتر مشتعلة على وقع التناحر الإقليمي على النفوذ والموارد، والوضع العربي إجمالاً ليس في أفضل حالاته، فالعدو لم يعد قاصراً على ما يأتي من الخارج ويتهدد حدودنا، بل إن العدو أصبح يأتي من بين صفوفنا في صورة أفكار شاذة ومتطرفة وجدت من يغذيها وينميها إلى الحد الذي أصبحت فيه المعارك تدور رحاها داخل شوارعنا وبيوتنا، وليس على الحدود، ولعل هذه الظروف المستجدة تدعو إلى تكاتف دولنا وتلاحمها لمواجهة هذه المصاعب والمخاطر، فما بين طموحات الدول المفترض فيها أنها جارة، وأفكار التشدد والتطرف، أصبحت منطقتنا مسرحاً لصراعات لا تنتهي، ولا سبيل لمواجهتها إلا برص الصف العربي. ومن ثم، فإن المشاركة الرفيعة في اجتماع اليوم، لهي خير دليل على إدراك دولنا بشكل واضح لحجم وخطورة تلك التحديات، فضلاً عن إدراكنا لأهمية ترسيخ الروابط التي تجمعنا.
لم تدخر مصر جهداً من أجل المساهمة في إقرار الأمن والسلام في ليبيا
وقال شكرى، وفيما يخص الوضع على الساحة الليبية، لم تدخر مصر جهداً من أجل المساهمة في إقرار الأمن والسلام في ليبيا، والوقوف في وجه الأفكار الظلامية التي تدفع بها بعض الدول التي تسعى سوى لتحقيق أهدافها، حتى وإن كان ذلك على حساب أمن ومقدرات الغير، كما أن الحدود الممتدة التي تجمع مصر بليبيا، ووشائج الدم بين الشعوب تجعل من مصر أكثر حرصاً على أن تنعم ليبيا وأهلها بالأمن والأمان، ولذلك سعت مصر للتوصل لتسوية سياسية بناء على مخرجات برلين وقرارات الشرعية الدولية، ودعمت المفاوضات التي تضم كافة الأطراف الليبية برعاية الأمم المتحدة، وصولاً لاتفاق الحوار الوطني الليبي الأخير بجنيف واختيار رئيس الوزراء ورئيس المجلس الرئاسي.
وقد أكدنا خلال الاجتماع الوزاري الثاني للجنة العربية المعنية بمتابعة التدخلات التركية الذي عقد صباح اليوم، على رفضنا القاطع لاستمرار التدخلات التركية فى المنطقة، والتي تنطوي على وجود قوات عسكرية تركية على أراض دول عربية شقيقة، ولا شك أن هذه السياسات لم تؤد سوى لتعميق حدة الاستقطاب وإذكاء الخلافات.
الشعب السوري وحده هو من يدفع الثمن
واستطرد شكري، عشرة أعوام مرت، ولا زالت الأزمة السورية تدور في حلقة مفرغة، والشعب السوري وحده هو من يدفع الثمن بلا أي أفق يحمل على التفاؤل في المستقبل القريب، كما أن عودة سوريا إلى الحاضنة العربية كدولة فاعلة ومستقرة لهو أمر حيوي من أجل صيانة الأمن القومي العربي، إلا أن ذلك يفترض أن تظهر سوريا بشكل عملي إرادة للتوجه نحو الحل السياسي المؤسس على قرارات مجلس الأمن، فاستيعاب المعارضة الوطنية من شأنه تخفيف حدة النزاع وتعبيد الطريق لكي تخرج سوريا من أتون تلك الحرب المستمرة إلى بر الأمان، إذ أن وجود سوريا موحدة آمنة قوية ومستقرة يجعل من المشرق العربي خط الحماية الأول للمصالح العربية، ومن ثم فإن الحل السياسي ينبغي أن يسير قدماً بقدم مع إخراج جميع القوات الأجنبية من جميع الأراضي السورية، وفي مقدمتها الاحتلال التركي، والعمل الدؤوب من أجل دحر التنظيمات الإرهابية التي امتد لهيبها ليحرق الأخضر واليابس، ليس في سوريا وحدها، ولكن في جميع أرجاء المنطقة.
مصر ملتزمة بدعم كافة الجهود لإنهاء الصراع باليمن
وقال وزير الخارجية، أن مصر ملتزمة بدعم كافة الجهود الرامية لإنهاء الصراع، واسمحوا لي أن أؤكد في هذا السياق دعم مصر الكامل للإجراءات التي تتخذها المملكة العربية السعودية من أجل حماية أراضيها في وجه الاعتداءات الحوثية المتكررة، كما أني أطالب الجانب الحوثي بالاستجابة للمبادرات الدولية والإقليمية للقبول بوقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية على أساس قرارات الشرعية الدولية، وبما يحافظ على وحدة اليمن، فالشعب اليمني الشقيق يدفع أثماناً غالية جراء هذه الحرب، لذا فإن المسؤولية لإنجاز هذا الهدف يتحملها الجميع، ومصر على أتم الاستعداد لبذل كافة الجهود من أجل أن يعود اليمن سعيداً كما كان، فهذا ما يستحقه اليمنيون على اختلاف مشاربهم.
أثمن دور الأشقاء العرب بدعم مفاوضات سد النهضة
أود أن انتهز هذه المناسبة لأثمن دور الأشقاء العرب في دعم موقف مصر والسودان خلال العملية التفاوضية الجارية حول سد النهضة، لضمان عدم المساس بحقوقهما المشروعة في هذا الشأن، والذي أكده القرار الصادر عن الدورة غير العادية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري في شهر يونيو 2020، والذي استعرض ثوابت الموقف التفاوضي الذي تدفع به مصر والسودان. واسمحوا لي أن أعيد التأكيد على أن الموقف المصري إزاء تلك المسألة لم يسع أبداً للانتقاص من حقوق طرف أياً ما كان، ولكننا لا زلنا ندفع للوصول لاتفاق يضمن حقوقنا المشروعة، فلا ينتقص من حق أثيوبيا في التنمية ولا يفتئت على حقوق مصر المائية في نهر النيل وحقوق السودان.
وختاماً، فإن مصر تؤكد مجدداً على تمسكها بالعمل والتعاون في إطار جامعة الدول العربية باعتبارها الإطار الجامع لكافة الدول العربية، وبما يصب في صالح الشعوب العربية جميعها، فالجامعة هي البيت العربي الجامع، والإصلاح الموضوعي لآليات عملها من شأنه أن يدفعها للقيام بما قامت تلك الجامعة من أجله.
موضوعات متعلقة:
أبو الغيط يفوز بولاية جديدة لـ جامعة الدول العربية بإجماع وزراء الخارجية العرب