لسه جاي من وسط العتمة ضي ..يفرد جناح النور ويوهبلك حياة..تفتح عيونك على الأمل وتشوف مداه ..وساعتها بس هتعرف إنك لسه حي ..ولسه عندك حلم وهتفضل وراه.. ضاقت به دنياه وأصبحت مثل “خرم إبرة”، توفي أهله وأقرب الناس له ولحقت بهم زوجته، ثم تراكمت عليه الديون فسيطر عليه اليأس وبات شريدًا بالشارع لمدة 4 سنوات، رأى فيها الويلات وأشكال العذاب النفسي، لكن “كل ضيقة وبعدها وسعة”، كما يقول الشاعر.
هذه عناوين عريضة لحكاية صلاح الدين عبد الحميد، لكن التفاصيل أكثر قسوة، وفيها من الضيق بقدر ما فيها من الفرج، لأن الرجل الذي يعيش أواخر عقده الرابع، وبرغم جسد النحيف وشعره الأبيض وتجاعيد التركها الزمن، فإن الابتسامة تملأ وجهه، وقلبه ينعم بالرضا.
فقدت أملي في الحياة.. ولجأت للشارع
يحكي “صلاح الدين” قصته لـ”أوان مصر”، فيقول: “مات جميع أخواتي ولحقت زوجتى بهم، فشعرت أن الدنيا ضاقت بي وفقدت أملي بالحياة ودخلت في حالة نفسية سيئة، ولديّ بنات في أعمار مختلفة”، مشيرا إلى أنه لم يستطع الانتقال للعيش مع ابنته الكبرى لأنها متزوجة في الريف، لأنه سيكون ضيفا ثقيلا عليهم.
وأكمل “صلاح الدين”: “بحثت عن وظيفة ولم أجد، وطردني صاحب البيت بعد تأخري عن دفع الإيجار فتركت منزلي، ثم عملت لفترة سائق على سيارة أجرة بالنهار وكانت تأويني بالليل، لكن مع الوقت قرر صاحب السيارة أن يمنعني من المبيت فيها بداعي أنها ستعمل في المساء، فتركت أولادي عند خالتهم ولجأت للشارع بعدما يئست من العثور على عمل ومنذ ذلك الحين وأنا أنام بالشارع”.
روحي ردت فيّ بعد 4 سنوات تشرد
وقال صلاح: “بعدما تعبت من السكن بالشارع لمدة 4 سنوات وعانيت من الظروف الصعبة، كان القدر حليفي والرعاية الآلهية كانت رحيمة بي، فتعرفت على أحد الأشخاص الذين يقطنون الشارع مثلي، فأرشدني لمؤسسة معانا لإنقاذ إنسان، التي توزع البطاطين بدخول الشتاء على الفقراء والمشردين”.
يواصل: “ذهبت إليهم لاستلام البطانية وهناك قابلت رجل الأمن وعرضت عليه أن أكون من نزلاء الدار، وبعد يومين من التردد استقبلوني بحفاوة وترحيب وأصبحت نزيلا بالدار”.
ويصف “صلاح” شعوره في تلك اللحظة قائلا: “شعرت أن روحي عادت من جديد. قالوا لي إننى سأعيش حياة كريمة بدون شقاء، وجلست لأنتظر المهندس محمود وحيد رئيس مجلس الإدارة واستقبلنى بحفاوة وقصصت عليه حكايتي وعرضت عليه فكرة أن يجد لي عمل سائق، وبالفعل بعد مرور أيام قال لي إنني سأكون سائق خاص بالمؤسسة، أنقل منها وإليها البضائع والسلع الغذائية من الفرع الخاص بالسيدات”.
“نورا” فتحت الباب لحياة جديدة
صدفة أخرى قادت “صلاح الدين” لبدء لحياة جديدة. يحكي: “كنت أنقل السلع الغذائية عبر سيارة المؤسسة إلى فرع السيدات وترددت عليه فترة كبيرة، ومن هنا تعرفت على زوجتى الثانية، “نورا”، التى كانت هي الأخرى نزيلة بالدار، والتى كانت مشردة بالشارع لفترة كبيرة هرباً من عنف زوجة أبيها”.
عندما حانت الظروف وأصبح لأت”صلاح” دخل ثابت من عمله، قرر أن يفاتح مدير المؤسسة في رغبته بالزواج منها. يقول: “رحب على الفور ورتبت لي نائب المدير موعد لمدة 10 دقائق للتعرف عليها وشرح ظروفي لها إذا أرادت، ولكننى لم أطلب منها شرح ظروفها أو التعرف على قصتها”.
“معانا لإنقاذ إنسان” تكفلت بتجهيز شقة الزوجية
يكمل “صلاح الدين” بفرح: “من حظي السعيد أنها وافقت على الزواج، وتم تنظيم حفل زفاف لنا، وارتديت بدلة الزفاف وارتدت هي فستانها الأبيض، وتم الزفاف على خير”.
وعن كيفية تدبير معيشته للزواج، قال: “استأجرت شقة وتكلفت المؤسسة بالفرش والتجهيزات كاملة، وأستعد لبدء حياتي من جديد، ورحبت بزوجتى بانتقال أبنائي للعيش معنا وتكوين أسرة مستقرة”.
اقرأ أيضا: