حوار – سماح عثمان
رمسيس الثاني أو رمسيس الأكبر، كان الفرعون الثالث من حكام الأسرة التاسعة عشر، ينظر إليه على أنه الملك الأكثر شهرة والأقوى طوال عهد الإمبراطورية المصرية، سماه خلفائه والحكام اللاحقين له بالجد الأعظم، قاد رمسيس الثاني عدة حملات عسكرية إلى بلاد الشام وأعاد السيطرة المصرية على كنعان، نصّب رمسيس وهو في سن الرابعة عشر وليًا للعهد من قبل والده سيتي الأول، يعتقد بأنه جلس على العرش وهو في أواخر سنوات المراهقة وكما ويعرف بأنه حكم مصر لفترة 67 عاما، وشهرين، وفقا لكلًا من مانيتون والسجلات التاريخية المعاصرة لمصر. وقيل عنه أنه قد عاش 99 عام ودفن في مقبرة في وادي الملوك؛ تم نقل جثته لاحقا إلى الخبيئة الملكية حيث تم اكتشافه عام 1881، والآن هي معروضه بالمتحف المصري،”أوان مصر” تحاوره في لقاء نادر يحدثنا عن كواليس الحكم ويرد على ارتباط اسمه بفرعون موسى…
حدثنا عن عائلتك وطفولتك
أنا ابن ملك مصر سيتي الأول والملكة تويا، وأهم زوجاتي الملكة نفرتاري المحبوبة لي، كما كان لي عدد من الزوجات الثانويات ومن ضمنهم زوجتي إيزيس نوفرت وماعت حور نفرو رع، والأميرة حاتّي، وبلغ عدد أبنائي نحو90 ابنه وابن منهن: بنتاناث ومريت أمن، ست ناخت .
ومن أبنائي الأمير مرنپتاح الذي خلف عني كملك على عرش مصر، وأخيرا الأمير خع ام واست الذي رمم آثار أجداده، وكان من صغره شجاع.
وفي طفولتي كنت ألعب مع أسدي المفضل وأنا في التاسعة من عمري وألبسنى والدي التاج في عيد ميلادي ومن يومها رأيت نفسي ملكا وحاكما لمصر .
حكمت مصر أكثر من نصف قرن ..فماالذي أنجزته خلال تلك الفترة الطويلة؟
امتاز عهدي بالعظمة والمجد والضخامة فى كل شئ خصوصًا فى أعمال البناء والتشييد والتى امتدت فى أركان الكون الأربعة خصوصًا فى أرض مصر الطيبة وبلاد النوبة وبلاد الشام وعلى ساحل البحر المتوسط .
العلاقات مع الحوثيين على الحدود المصرية فى سوريا كانت غير جيدة فى الفترة الأولى من حكمي، فجمعت جيشي المتكون من 19 ألف مقاتل و 1500 عربة حربية وكانت معركة دامية هزمنا فيها في البداية ولكن اتبعت خطة الخداع وانسحبت ووضعت خطة للهجوم مما جعلت الملك الحوثي يتراجع في المساء وهنا عرضوا علينا السلام وتم عقد معاهدة سلام بين المصريين والحوثيين وهي أول معاهدة سلام في التاريخ .
ماهي الآثار التي تركتها لنا ؟
تركت لكم الكثير من الآثار المهمة منها التحفة الرائعة في أبوسمبل، حيث أن المعبد الكبير المنحوت في الصخر بني عام 1244 ق.م واستغرق حوالي واحد وعشرون عامًا في بنائه أى 1265 ق.م.
ولم يشيد ملك مصري من معابد وتماثيل ومسلات مثلما بنيت وكان زمني يحمل الكثير من الانجازات والانتصارات، فسجلت نصرا كبيرا على الحوثيين في معركة قادش ، فقد شاركت في معارك كثيرة منذ صغري فعندما كنت أميرا صغيرا تأثرت بالتقاليد العسكرية التى زرعها جدي رمسيس الأول بداخلي، فشاركت مع والدي الملك سيتي الأول في حملاته العسكرية ضد الحوثيين .
وصممت المعبد بطريقة هندسية فلكية بحيث تستمتعوا بظاهرة تعامد الشمس داخل قدس الأقداس في المعبد الكبير والتي تعد من أبرز الظواهر الفلكية النادرة التي تحدث مرتين كل عام يومي 22 أكتوبر و22 فبراير من كل عام، حيث تحدث الظاهرة بتعامد شعاع الشمس على تمثال الملك “رمسيس الثاني” ويرجع تاريخ اليومين إلى أنهما كانا بمثابة ميلادي والآخر يوم تتويجي بحكم البلاد.
شيدت المقبرة رقم 7 في وادى الملوك بالبر الغربي بالأقصر لكي يتم دفني فيها بعد وفاتي .
لك الكثير من التماثيل ..ماهو الأقرب لقلبك؟
تمثالي الذي كان موجود في ميدان “باب الحديد” في أوائل الخمسينات وتم تغيير اسم الميدان ليحمل اسمي وظل موجود حتى سبتمبر 2005 أمام محطة السكة الحديد إلى أن تم نقله في موكب ضخم إلى منطقة الأهرامات بالجيزة لإجراء الترميمات عليه ووضعه في بهو المتحف المصري الكبير.
يمكن أن تحدثنا عن التمثال الأشهر لك ؟
عثر المكتشف الإيطالى جيوفانى عام 1820م على تمثالي بمنطقة ميت رهينة وكان مقسما لستة أجزاء فى هذا الوقت، وتم نقلها بناء على قرار من مجلس قيادة الثورة عام 1954 إلى ميدان باب الحديد بواسطة شركة ألمانية .
وقام المرمم المصرى الراحل أحمد عثمان قام بتجميع التمثال واستكمال الساق والقدم الناقصتين إلى جانب ترميم التاج الملكى وبعض الأجزاء الصغيرة فى التمثال، وأقيم التمثال وهو واقفا فى الميدان وأقيمت له نافورة لكى تزين الميدان الذى يحمل اسمه، لكن تمت إزالتها قبل نقل التمثال فى عام 2006.
وصنع التمثال من الجرانيت الوردى ووزنه نحو 83 طنا، والملامح الفنية له تظهر ملامح بروز الصدر والجسد والملك فى وضع الوقوف، وهو يقوم بتقديم ساقه اليسرى للأمام، ويعلوه التاج المزدوج، وهو التاج الأحمر والذى يمثل الشمال وهى الدلتا وتاج الأبيض، والذى يمثل الجنوب، وتظهر اللحية مستقيمة وأرتدي النقبة القصيرة و يوجد خنجراً فى حزام النقبة، وهذا التمثال يعبر عن شخصيتي بشكل كبير .
ماهو شعورك أثناء نقل تمثالك ؟
كنت سعيد للغاية عند نقل تمثالي من ميت رهينة في البدرشين إلى باب الحديد حسب أوامر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، اخترق تمثال رمسيس أثناء عملية نقله الثانية من باب الحديد إلى هضبة الأهرامات – بعد رحلته الأولى من ميت رهينة إلى باب الحديد- شوارع القاهرة والجيزة و قطع مسافة 30 كيلو مترا بمتوسط 5 كيلو مترات كل ساعة ليأخد مكانا يليق به، في مدخل البهو الرئيسي للمتحف المصري الكبير، حيث أكبر تجمع للأثار في العالم، والشاهد الأجمل على حضارة المصريين بجوار أهرامات الجيزة الخالدة.
يقول البعض أنك فرعون مصر المذكور في القرآن مع نبي الله موسى ..فهل هذا صحيح ؟
أوضح لكم الحقيقة بحسب علماء المصريات، فقد شككوا في هذه المعلومة حسب بحث تاريخي بفحص المومياء الخاصة بي فأنا لم أمت غرقا .
وقال الطبيب الفرنسي موريس بوكاي في كتابه (الإنجيل والقرآن والعلم الحديث) أنه يظن أن ابني “مرنبتاح ” هو الأقرب لأن يكون هو فرعون موسى، وكان اعتماده في ذلك أن التوراة والإنجيل تؤكد وجود فرعونين عاصرا فترة النبى موسى أحدهما قام بتربيته والآخر هو من عرف بفرعون الخروج الذي طارد موسى وبنى إسرائيل وأغرقه الله في خليج السويس، ولكن ابني مرنبتاح قدم دليل براءته .
فقد نقش على لوحته الشهيرة مايعرف بأنشودة النصر والتى تباهي فيها بانتصاراته ولم يذكر فيها أي شيئ عن بني إسرائيل ولا عن النوازل التى عاقبهم بها الله وهو ماينفي أي صلة لابنى بفرعون موسى.