قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، منذ قليل، رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 21.25%، 22.25% و21.75%، على الترتيب. كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 21.75%.
وأكدت اللجنة أنها لن تتردد في استخدام جميع أدوات السياسة النقدية المتاحة، بهدف الحفاظ على الأوضاع النقدية التقييدية لتحقيق معدلات التضخم المستهدفة والبالغة 7% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024 و5% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026
واجتمعت منذ قليل لجنة السياسة النقدية، في اجتماعها الدوري؛ لتحديد موقف سعر الفائدة وذلك في أول اجتماعات لجنة السياسة النقدية خلال العام الجاري.
وكان البنك المركزي قرر تثبيت الفائدة في آخر اجتماع له في 21 ديسمبر من عام 2023 الماضي، على عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند مستوى 19.25% و20.25% و19.75% على الترتيب، كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى 19.75%.
على الصعيد العالمي، اتسم النشاط الاقتصادي بالتباطؤ نتيجة سياسات التقييد النقدي التي اتبعتها البنوك المركزية الرئيسية على الطلب.
كما انخفضت الضغوط التضخمية العالمية مؤخراً نتيجة لسياسات التقييد النقدي التي تم اتباعها في العديد من الاقتصادات المتقدمة والناشئة، وعليه تراجعت توقعات معدلات التضخم لتلك الاقتصادات مقارنةً بما تم عرضه في الاجتماع السابق.
وبالرغم من ذلك، يوجد حالة من عدم اليقين حول توقعات التضخم، خاصة بما يتعلق بأسعار السلع العالمية وذلك نتيجة للتوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم حالياً وكذا اضطراب سلاسل التوريد في البحر الأحمر.
وعلى الصعيد المحلي، سجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي معدل نمو قدره 2.7% خلال الربع الثالث من عام 2023 مقارنةً بمعدل 2.9% خلال الربع السابق له.
وجاء النمو مدعوماً بالمساهمات الموجبة لكل من قطاع التجارة والزراعة والاتصالات.
وعلى الرغم من ذلك، تشير المؤشرات الأولية للربع الرابع من عام 2023 إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي.
وبناءً عليه، من المتوقع أن يتباطأ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2023/2024 مقارنةً بالعام المالي السابق له، على أن يتعافى تدريجياً فيما بعد.
وجاء ذلك تماشياً مع التطورات الفعلية للبيانات وكذا التداعيات السلبية الناجمة عن حالة عدم الاستقرار الإقليمي واضطراب حركة الملاحة في البحر الأحمر على قطاع الخدمات.
وفيما يتعلق بسوق العمل، استقر معدل البطالة ليسجل 7.1% خلال الربع الثالث من عام 2023.
واصلت المعدلات السنوية للتضخم العام والأساسي انخفاضها لتسجل 33.7% و34.2% على الترتيب، في ديسمبر 2023، مدفوعةً بالأثر الإيجابي لفترة الأساس.
في حين تشير التطورات الحالية إلى استمرارية الضغوط التضخمية وارتفاعها عن نمطها المعتاد، وهو ما ينعكس على تضخم كل من السلع الغذائية وغير الغذائية.
ومن المتوقع استمرار تلك الضغوط في ضوء إجراءات ضبط المالية العامة، وكذا تواصل الضغوط من جانب العرض.
بالإضافة الي ذلك، ساهم ارتفاع معدل نمو السيولة المحلية عن متوسطه التاريخي في تصاعد الضغوط التضخمية.
وجاءت البيانات الواردة منذ اجتماع لجنة السياسة النقدية السابق في ديسمبر 2023، بما في ذلك بيانات التضخم، أعلى من المتوقع.
وستستمر الضغوط التضخمية واسعة النطاق في التأثير على أنماط الاستهلاك والتسعير.
بالإضافة الي ذلك، قد ينتج عن التوترات الجيوسياسية واضطراب الملاحة البحرية ارتفاع حالة عدم اليقين حول معدلات التضخم العالمية والمحلية.
وفي ضوء ما سبق، ترى لجنة السياسة النقدية تصاعد المخاطر المحيطة بتوقعات التضخم.
وبالتالي قررت لجنة السياسة النقدية رفع أسعار العائد الأساسية لدى البنك المركزي بمقدار 200 نقطة أساس وذلك بهدف الحد من توقعات التضخم وتقييد الأوضاع النقدية للحفاظ على مسار نزولي لمعدلات التضخم.
وستستمر اللجنة في تقييم توازنات المخاطر بهدف تحقيق استقرار الأسعار على المدى المتوسط، ولن تتردد في استخدام كافة ادواتها المتاحة لتقييد الأوضاع النقدية.
وفي سياق متصل، قال الدكتور أشرف غراب، خبير اقتصادي، -قبل ساعات من عقد الاجتماع- أن الاحتمال الأكثر توقعاً في قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في اجتماعها اليوم الخميس هو الإبقاء على سعر الفائدة كما هو دون تغيير، موضحاً أن توقعه مبني على عدد من المؤشرات أولها استمرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بتثبيت سعر الفائدة، إضافة إلى طرح البنوك شهادتي الإدخار ذات العائد المرتفع 27% و23.5% الأيام الماضية بعد انتهاء آجال شهادة 25%، موضحاً أن الشهادات الجديدة تسهم في سحب السيولة من الأسواق خاصة بالتزامن مع موعد استحقاق شهادة الـ 25%.
وأضاف في تصريحات صحفية، أن استمرار انخفاض معدلات التضخم خلال الشهرين الماضيين نوفمبر وديسمبر 2023 حيث تراجع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 34.2% في ديسمبر 2023 مقابل 35.9% في نوفمبر 2023، إضافة إلى التوقع بانخفاض معدل التضخم في مصر إلى 18.2% في نهاية عام 2024 وفقاً لتقرير صندوق النقد الدولي آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في أكتوبر 2023، فقد يشير ذلك لاتجاه البنك المركزي لتثبيت سعر الفائدة دون تغيير، إضافة إلى أن ارتفاع أسعار الذهب لدرجة كبيرة وتذبذب سعره في الأسواق قد أصبح غير جاذب للسيولة لدى الأفراد والمستثمرين ولذا قد لا يفضل الأفراد وصغار المستثمرين الاستثمار به خلال الفترة الحالية حتى ينخفض سعره وهذا يدفع بعضهم للادخار في شهادات الإدخار للحصول على عائد دوري مرتفع.
وأكد غراب، أن الاقتصاد العالمي يواجه صعوبات وأزمات منها الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار النفط والغاز والشحن والنقل والغذاء وغيرها ما قد يؤدي لتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي ولذا من الصعب على البنوك المركزية رفع سعر الفائدة حالياً وبالتبعية فالبنك المركزي المصري قد يتجه لتثبيت سعر الفائدة، مضيفاً أن رفع سعر الفائدة في الوقت الحالي سيضيف أعباء على الموازنة العامة دون جدوى ما يزيد من التكلفة التمويلية علي المنتجين وانعكاس ذلك علي الأسعار بالأسواق على المستهلك.
وتابع، أنه في حالة إذا قرر البنك المركزي خفض جديد للجنيه مقابل الدولار فهنا قد يلجأ لرفع سعر الفائدة لكن قد لا يحدث هذا في الوقت الحالي، متوقعاً أن يتجه المركزي لتثبيت سعر الفائدة خاصة بعد قيام البنك المركزي الأوروبي بتثبيت سعر الفائدة، مضيفاً أن رفع سعر الفائدة ليس كافياً للحد من التضخم المرتفع، وأن من أهم عوامل القضاء على التضخم في الوقت الحالي القضاء على وجود سعرين لصرف الدولار وذلك بتوفير العملة الصعبة بالسوق للمستوردين والتجار، موضحاً أن الاحتمال الأكثر توقعاً هو لجوء المركزي المصري لتثبيت سعر الفائدة واللجوء لرفع الاحتياطي الإلزامي على البنوك.