أجمعت كافة استطلاعات الرأي التي تمّ إجراؤها خلال شهر مايو في تركيا حول احتمالية تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة، على تلاشي أصوات حزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية لصالح أحزاب المعارضة بما فيها الأحزاب الجديدة، إضافة لهزيمة مؤكدة للرئيس رجب طيّب أردوغان حال إجراء انتخابات الرئاسة في الوقت الحالي.
وتوصلت دراسة حديثة أجراها مركز أوراسيا لأبحاث الرأي العام إلى أن عمدة إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو سوف يهزم الرئيس التركي الحالي أردوغان بهامش مريح إلى حدّ ما إذا تمّ عقد تنافس رئاسي بينهما في الظروف الراهنة.
وسبق لـِ محرم إينجه العضو كذلك في حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المُعارضة في البلاد، أن شكّل مُنافساً قويّاً لأردوغان في الانتخابات الرئاسية يونيو 2018، حاصداً الملايين من أصوات الأتراك.
ويُعتر إمام أوغلو البالغ من العمر خمسين عاماً، النجم الصاعد على المسرح السياسي التركي في نظر المراقبين والمحللين السياسيين، والقادر على منافسة أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2023، أي حتى لو لم يتم إجراء انتخابات مبكرة.
ومنح فوز إمام أوغلو بانتخابات إسطنبول العام الماضي مرّتين، هالة وطنية ما زالت تُهدّد وضع أردوغان على المديين القريب والبعيد.
ومع أنه كان شبه مجهول على الساحة السياسية التركية قبل أشهر قليلة، أصبح أكرم إمام أوغلو اليوم حصان المعارضة الرئيسي في وجه أردوغان، وهو من أنهى أسطورة حزب العدالة والتنمية الذي لا يقهر في الانتخابات الأخيرة.
وتواصل وزارة الداخلية التركية التضييق على رئيس بلدية إسطنبول الذي ينتمي إلى حزب الشعب الجمهوري المعارض، وتقوم بمحاصرته بالتحقيقات من أجل إبقائه في دائرة مفرغة وإلهائه عن أداء مسؤولياته وواجباته، وبالتالي إفشاله في رئاسته للبلدية، وتحطيم مستقبله السياسي.
وقال ما يزيد عن 39% في المائة من المشاركين في استطلاع الرأي الأخير أنهم سوف يصوتون لأردوغان، في حين فضّل 45.5 % إمام أوغلو، إذا ما خاضا انتخابات رئاسية.
ورأى محللون في تعليقهم حول الردود السلبية لترشح أردوغان أنّ “بعض أعضاء حزب الحركة القومية لن يصوتوا لأردوغان في الانتخابات القادمة، كما لم يفعلوا في الانتخابات السابقة”.
وأكدوا أنّ حزب الحركة القومية بدأ في التحوّل من نهج نقدي لحكومة أردوغان بعد محاولة انقلاب فاشلة في يوليو 2016، ودخل في تحالف كامل مع حزب العدالة والتنمية بحلول عام 2018، وانضم إليه كشريك صامت للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. لكنّ هذا التحول لم يتم قبوله بشكل جيد من قبل جزء كبير من قاعدة الناخبين في حزب الحركة القومية، وأدى في النهاية إلى تأسيس الحزب الصالح (يمين الوسط).
ويرتبط الانخفاض الكبير في شعبية أردوغان، بدرجة كبيرة بالاستياء من النظام الرئاسي الذي تمّ فرضه بنسبة متواضعة 51.41 في المائة من الأصوات في الاستفتاء الدستوري لعام 2017.
وتقول الدراسة، إنّ 66.7 في المائة من المُشاركين ليسوا سعداء على الإطلاق بالنظام الرئاسي، مقابل 24.1 في المائة قالوا إنهم سعداء للغاية. وقال 63 بالمائة إنهم سوف يصوتون ضدّ التعديل الدستوري في حالة إجراء استفتاء ثان.
كما قال 60% من المشاركين في الاستطلاع إنّ تركيا تغيرت إلى الأسوأ منذ استفتاء عام 2017.
ومع ذلك، فإنّ أولئك الذين لا يدعمون أردوغان لم يشكلوا كتلة موحدة، فعندما سئلوا عمّا إذا كان ينبغي للمعارضة أن تتحد خلف مرشح واحد لتحدي الرئيس، قال 52.7 في المائة نعم، بينما فضل 32.1 % أن يُقدّم كل حزب معارض مرشحه الخاص.
كذلك فقد وجدت الدراسة، أنّ مرشح المعارضة المشترك سيكون أفضل لهزيمة أردوغان، حيث قال 42.3 في المائة من المشاركين في الاستطلاع أنهم سوف يختارون المرشح المشترك.
وظهر وزير الداخلية سليمان صويلو كاسم قوي في الدراسة، حيث أشار 40 في المئة من المشاركين إلى الوزير كسياسي مفضل عندما طلب منهم اختيار اسمين للترشح للرئاسة.
وفي مقابلة مع “أحوال تركية” قال المحلل السياسي كمال أوزكيراز، إنّ كبار أعضاء حزب العدالة والتنمية السابقين علي باباجان وحزبه “ديفا”، وأحمد داوود أوغلو وحزبه “المستقبل” يبدو أنهما يجتذبان معظم أصواتهما من قاعدة حزب العدالة والتنمية.
وتوقع أوزكيراز ثلاث كتل تحالف للانتخابات الرئاسية المقبلة، وذلك مع تشكيل الحزب الصالح و”ديفا” وحزب المستقبل وأحزاب يمينية محافظة أصغر، إضافة لحزب الشعوب الديمقراطي، كتلة ضدّ تحالف حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية.
وقال “إنّ الاستطلاعات التي أظهرت أن أردوغان يحصل على المزيد من الأصوات خلال جائحة فيروس كورونا، كلها كانت مُختلقة.. يعتقد البعض أنّ تركيا تعاملت مع الأزمة بشكل أفضل من دول أخرى، هذا غير صحيح، خاصة وأن معالجة الجانب الاقتصادي أمر غير ملموس”.
على صعيد آخر، أظهرت آخر استطلاعات الرأي في تركيا فيما يتعلق باحتمالية حدوث انتخابات نيابية مبكرة في الوقت الحالي، أن أصوات حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية تتلاشى، بينما تزداد بالمقابل أصوات حزب الشعب الجمهوري، والأحزاب الجديدة التي أسسها كل من داود أوغلو وعلي باباجان حلفاء أردوغان السابقين.
وأعلن كمال أوزكيراز رئيس الأبحاث في أوراسيا، أن العدالة والتنمية وحده لا يمكن أن يكون في السلطة مع حصوله على نسبة 34.49 % فقط من الأصوات، بينما شريكه حزب الحركة القومية لن ينجح بتجاوز العتبة الانتخابية بنسبة تصويت بلغت 8.15 في المائة. بالمقابل حصل الشعب الجمهوري على 30.65 % من الأصوات وفق الاستبيان الذي كشف عن التقدّم المتواصل لأكبر أحزاب المعارضة التركية.