الخوفُ والألمُ ، هما العدوانِ الأشرسان اللذان يواجههما الإنسانُ منذٌ بدءِ الخليقةِ.
الخوفُ: هو شعورٌ قويُّ بالرهبةِ والرعبِ نحوَ أمرٍ ما يواجهه الإنسانُ، وقد يكونُ ملموساً له وجودٌ فعلى على أرضِ الواقعِ، وربما يكونُ مجردُ وهمٍ لا وجودُ لهُ . ويعيقُ الخوفُ تقدّمَ الإنسانِ سواءَ في حياتِهِ الشخصيّةِ أو في علاقاتِهِ الاجتماعيّةِ أو حتّى على الصعيدِ العمليّ،
فالخوفُ إذا ما تملكَ من الإنسانِ وأعملَ فيهِ مخالبَهُ شلَّ حركتَهُ وأفضى بهِ إلى سوءِ المنقلبِ ، فلا عقلٌ يفكرُ ولا بصيرةٌ تهدي إلى يقينٍ ، وحتى لو أوتيَ الإنسانُ القدرةَ على التفكيرِ وهو يتملكُه الخوفُ ، جانبَهُ الصوابُ تماماً في كلِ قراراتِهِ
وأشدُ انواعِ الخوفِ وطأةً هو الخوفُ من المجهولِ او بمعنى اخرٍ الخوفُ من اللا مرأي
وفي هذه الحالةِ يكونُ الإنسانُ غيرَ قادرٍ على تجسيمِ وتجسيدِ ما يخافُه ويخشاه لذلك ، نجدُهُ اكثرَ رعبًا وهلعًا
اما اذا ما اقترنَ الخوفُ بالألمِ هنا تكون الفاجعةُ اكبرَ والمصيبةُ أدهى وأمرَّ
تتملكُ الإنسانَ رغبةٌ عارمةٌ في التخلصِ من ألمِهِ المصحوبِ بالخوفِ من هذا المجهولِ ولهذا اولُ ما يفكرُ فيهِ هو توفيرُ الحمايةِ والنجاةِ لنغسهِ ولو على حسابِ الآخرين ، وتنتقلُ هذه الرغبةُ العارمةُ من شخصٍ إلى آخرٍ وكأنها النارُ في الهشيمِ فتجدُ المجتمعَ يتحولُ الى غابهٍ يحاول كلُ فردٍ فيها افتراسَ الآخرين لينجوَ
وتظهرُ مثلُ تلكَ الاحوالِ في اعقابِ الحروبِ التي تليها ضعفُ الحكوماتِ وعدمِ السيطرةِ على اوضاعِ البلادِ ومرت بعضُ البلادِ الاوروبيةِ بعصورٍ مظلمهٍ ذاقت فيها الأمرّين وليس بخفي ما مرت به فرنسا عقبَ الثورةِ الفرنسيةِ ، كذلك معظمُ البلادِ الاوروبيهِ عقبَ الحربِ العالميهِ الاولى والثانيةِ وحتى في مجتمعاتنا العربيهِ ظهر هذا الامرُ جلياً وواضحاً
وتظهرُ ايضاً مثلُ تلكَ الاحوالِ عند انتشارِ الاوبئهِ والامراضِ واتخاذِ السلطاتِ لتدابيرٍ احترازيهٍ كفرضِ حظرِ التجوالِ الكلي او الجزئي
يظهرُ خلالَ تلكَ الفتراتِ بعضُ من اولئكَ الانتهازيين الذين اتخذوا من الجشعِ دينًا وديدنًا . .. فيقومون برفعِ الاسعارِ واحتكارِ الاسواقِ بغرضِ الكسبِ المادي ، يساعدُهم على ذلك رغبةُ العامهِ في تخزين اكبرِ قدرٍ من السلعِ الغذائيةِ بأي شكلٍ وبأي سعرٍ ، فيحدثُ التكالبُ والتناحرُ وربما القتالُ فيما بينهم لجمعِ ما يزيلون به هذا الخوفَ من مجهولٍ لا يعلموا كنهَهَ او ماهيتَه
الخوفُ والالمُ ربما يكونان اشدَّ فتكاً بالأممِ من الحروبِ والاوبئهِ فالمجتمعُ عندما يتملكُهُ الخوفُ المصحوبُ بالالمِ خصوصًا اذا كان من مجهولٍ لا يراهُ ، تسودُه الفوضى والقلاقلُ وتنتشرُ الفتنُ والحروبُ
هنا يجبُ على الحكوماتِ ان تفرضَ سيطرتَها على تلكِ المجتمعاتِ ووضعُ القوانين الرادعهَ واستخدامُ القوهِ في تنفيذِها لوضعِ حدٍ لمثلِ هذهِ الاوضاعِ التي ربما تنفلتُ ولا يمكنُ السيطرةُ عليها
حفظ الله بلادَنا من كل مكروه ٍ
ولله درُّ الفيتوري عندما قال
( انما يحصد .. القهرَ
مـن يـزرع الـقهرَ فـي زمني
إنــمـا يـلـبـس الـخـوفَ
مـن يـنسج الـخوفَ فـي ..بدني
إنـمـا الـموتُ مـوتُ ابـتلائى
أمــــا أنـــا ..فـسـابـقى
أراقـــــص ..حــريـتـي
وأدافـع بـين هـدير ..الـملايين
عــــــن وطـــنـــى )